
الخسارة المباشرة: غياب الشريك الأكبر
قبل الحظر، كانت هواوي ثاني أكبر موزّع لأجهزة أندرويد عالميًا، ومنافسًا شرسًا لأبل وسامسونج. هواتفها كانت محمّلة بخدمات غوغل، ما يعني عوائد ضخمة من متجر بلاي، والإعلانات، والتطبيقات. فجأة، انهار هذا المصدر: مئات الملايين من الأجهزة لم تعد تعمل بمنظومة غوغل. هذه الخسارة المالية المباشرة لا تعوّض بسهولة، خصوصًا وأن هواوي كانت تتمدد بقوة في أوروبا، حيث تعتمد غوغل على هيمنتها الرقمية.
الخطر الاستراتيجي: ولادة بديل منافس
الأثر الأخطر لم يكن في الإيرادات، بل في ولادة بديل حقيقي. HarmonyOS لم يبق مشروعًا محليًا، بل تمدد ليشمل الهواتف، الأجهزة المنزلية الذكية، السيارات، وإنترنت الأشياء. بكلمات أخرى: هواوي لم تبن نظامًا للهاتف فقط، بل منظومة متكاملة تتجاوز أندرويد. هنا تكمن المشكلة لغوغل: لأول مرة منذ عقدين، يظهر مشروع قادر على تقويض مركزيتها في السوق العالمية.
المكسب المؤقت: تمسّك المنافسين بخدمات غوغل
الحظر على هواوي كان رسالة تهديد لبقية الشركات الصينية. شاومي وأوبو وفيفو سارعت إلى تعزيز تعاونها مع غوغل حتى لا تلقى مصير هواوي. هذا أنقذ غوغل مؤقتًا من فقدان مكانتها، إذ ضمنت أن بقية السوق الصينية (خارج هواوي) ما زالت أسيرة أندرويد بخدماته. لكن هذا المكسب قصير النظر، لأنه يحمل في داخله بذور الشك: أي شركة كبرى يمكن أن تُجبَر في أي لحظة على بناء بديل مستقل، تمامًا كما فعلت هواوي.
خسارة السوق الصيني: نهاية الاحتكار
الصين أكبر سوق للهواتف في العالم، وأكثرها نموًا. غوغل كانت ممنوعة أصلاً داخل الصين رسميًا، لكن أجهزة الشركات الصينية الموجهة للتصدير كانت تعتمد عليها. مع ظهور هارموني، تحررت هواوي كليًا من قيود غوغل، وبنت منظومة خاصة بها. هذا يعني أن غوغل خسرت فرصة العودة إلى السوق الصيني، وسمحت لخصمها بتطوير منظومة مكتفية ذاتيًا، قد تتوسع يومًا إلى أسواق أخرى.
المعادلة النهائية: خسارة قصيرة × تهديد طويل
الولايات المتحدة منعت هواوي من استخدام غوغل، لكنها بذلك دفعت غوغل نفسها إلى خسارة شريك ضخم، وإلى مواجهة تهديد استراتيجي على المدى البعيد. نعم، لا يزال أندرويد مهيمنًا، لكن ولادة هارموني تعني أن العالم لم يعد يملك نظامًا واحدًا يحتكره الغرب. لقد فُتح الباب أمام انقسام تكنولوجي عالمي، حيث تبني الصين منظومتها الخاصة بعيدًا عن غوغل، وقد تلحق بها دول أخرى في المستقبل.