
1. تهديد الهيمنة الأمريكية في المنطقة
حماس تمثل نموذجًا سياسيًا وإيديولوجيًا يرفض التبعية الخارجية، وتحديًا مباشرًا للنظام الإقليمي الذي ترعاه أمريكا، والذي يقوم على دعم حلفائها مثل إسرائيل وبعض دول الخليج. أي قوة مقاومة مستقلة، مثل حماس، تزعزع قدرة واشنطن على فرض سياساتها وتحد من نفوذها في اتخاذ القرارات الكبرى في الشرق الأوسط.
مثال تاريخي: في الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000–2005)، رفضت حماس الالتزام باتفاقات أوسلو التي رعتها واشنطن، ما أظهر أنها حركة مستقلة عن أي ضغط أمريكي أو إقليمي، مما أزعج الإدارة الأمريكية ودفعها لتصنيف الحركة كمنظمة إرهابية، ليس فقط لأعمالها العسكرية، بل لمواقفها السياسية المستقلة.
2. تعطيل مشاريع أمريكا عبر إسرائيل
حماس تعمل بشكل عملي على إفشال مشاريع الولايات المتحدة في فلسطين والشرق الأوسط، التي غالبًا ما تُنفذ عبر إسرائيل أو حلفاء إقليميين. المقاومة المستمرة والسيطرة الشعبية على قطاع غزة جعلت أي مخطط اقتصادي أو سياسي أمريكي–إسرائيلي صعب التنفيذ.
مثال تاريخي: محاولة فرض "صفقة القرن" الاقتصادية والسياسية فشلت جزئيًا بسبب تمسك حماس بموقفها الرافض للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو التنازل عن أي جزء من الأراضي الفلسطينية، ما جعل الخطة الأمريكية تبدو غير قابلة للتطبيق على الأرض.
3. رفض التبعية الغربية
حماس لا تعتمد على التمويل أو التوجيه الأمريكي، ولا تخضع لأي شروط سياسية. هذا يجعلها عنصرًا خارج السيطرة، وهو ما يقلق الولايات المتحدة أكثر من أي تهديد عسكري مباشر. الحركات التي يمكن التحكم بها عبر الدعم المالي والسياسي لا تشكل تهديدًا للهيمنة الأمريكية، لكن حماس نموذج للمقاومة المستقلة التي ترفض الخضوع.
مثال: حتى مع ضغوط اقتصادية وحصار خانق على غزة، استمرت حماس في إدارة القطاع بموازنة خاصة وبرامج تعليمية وصحية مستقلة عن الدعم الأمريكي، وهو ما يثبت قدرتها على الصمود السياسي والاقتصادي بعيدًا عن الوصاية الغربية.
4. الإيديولوجية الإسلامية المستقلة
أمريكا ترى في حماس إيديولوجية لا تقبل الخنوع ولا الخضوع للأنظمة الغربية. الإسلام السياسي الذي تتبناه الحركة يؤكد على السيادة الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني ويعارض أي فرض خارجي للسياسة أو الثقافة. هذا يشكل تهديدًا طويل المدى للسياسات الأمريكية التي تعتمد على خلق أنظمة وظيفية مرتبطة بالغرب.
مثال: في خطاباتها الرسمية، أكدت حماس مرارًا على أن "المقاومة واجب شرعي" وأن فلسطين خط أحمر، مما يرفض أي شكل من أشكال التنازل أو التعاون مع مشاريع الغرب في المنطقة، بما فيها مشاريع "التطبيع" مع إسرائيل.
5. كسر سردية "السلام المصطنع"
السياسة الأمريكية تقوم على فرض رؤية سلام مصطنعة لصالح إسرائيل، تقوم على المفاوضات التبادلية والاعتراف الرسمي. حماس تكسر هذا الإطار بإصرارها على حق المقاومة الكامل واستعادة الأراضي الفلسطينية، ما يفضح زيف أي حديث عن حل عادل يقدمه الغرب، ويظهر الولايات المتحدة كطرف متحيز يدعم الاحتلال.
مثال: في اتفاقيات أوسلو ومتابعة "عملية السلام"، رفضت حماس المشاركة في أي مفاوضات تتجاهل حقوق اللاجئين الفلسطينيين أو القدس، فظل خطابها يعارض السردية الغربية التي تصوّر السلام وكأنه ممكن عبر التنازل الجزئي.
6. التأثير على الرأي العام وخطورة ذلك على الحكومات الوظيفية
حماس تمتلك قدرة كبيرة على تشكيل الرأي العام في المنطقة، من خلال خطاب مقاومة مستقل يفضح سياسات الاحتلال والتبعية للحلف الغربي. هذا يزعزع استقرار الحكومات الوظيفية المرتبطة بالغرب ويضعها تحت ضغط شعبي.
مثال: خلال الحروب المتكررة في غزة، نجحت حماس في استقطاب تعاطف شعبي واسع ليس فقط في فلسطين، بل في دول عربية مثل لبنان، الأردن، واليمن، ما أدى إلى ضغوط على حكومات وظيفية مثل السلطة الفلسطينية وبعض دول الخليج لتبني مواقف أكثر تحفظًا تجاه مشاريع واشنطن.
7. حماس رمز للمقاومة الإقليمية
أمريكا تنظر إلى حماس باعتبارها نموذجًا للتمرد الشعبي المستقل، لا يقتصر تأثيره على فلسطين فقط، بل يمتد إلى لبنان واليمن والعراق ومناطق أخرى، حيث تلهم حركات مقاومة ضد النفوذ الغربي. بهذا تصبح حماس تهديدًا طويل المدى لأجندة الهيمنة الأمريكية، لأنها ترفع سقف المطالب الشعبية وتمنح خطاب المقاومة شرعية واسعة.
مثال: دعم الجماهير العربية لحركة حماس أعطى شرعية سياسية لحركات المقاومة في لبنان (حزب الله) واليمن (أنصار الله)، ما جعل واشنطن وحلفاءها في المنطقة في موقف دفاعي مستمر، ويجعل أي مشروع أمريكي طويل الأمد عرضة للفشل.
الخلاصة
كراهية أمريكا لحماس ليست مجرد رد فعل على العمليات العسكرية أو الإرهاب، بل صراع على النفوذ والسيطرة. حماس تمثل مقاومة حقيقية وغير خاضعة، تكسر سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة، وتفضح سياساتها في الدفاع عن الاستقرار بما يخدم مصالحها وحلفائها. في العمق، ما تكرهه واشنطن في حماس هو:
- استقلاليتها السياسية وقدرتها على اتخاذ قرارات غير خاضعة للضغط الخارجي.
- تعطيل مشاريع أمريكا عبر إسرائيل وحلفائها.
- رفضها للخضوع للإيديولوجيات الغربية والخضوع السياسي.
- تأثيرها العميق على الرأي العام العربي، مما يزعزع استقرار الحكومات الوظيفية.
حماس ليست مجرد حركة مسلحة، بل رمز للمقاومة المستقلة على الصعيد الإقليمي، وهو ما يجعلها أكثر خطورة على الهيمنة الأمريكية من أي تهديد عسكري محدود.