
في عصر الرقمنة والشبكات الاجتماعية، لم يعد ما نراه على شاشاتنا مجرد صدفة. السؤال المحوري: من يحدد المعلومات التي تصلنا؟ وكيف تعمل الخوارزميات كأداة سلطة تتحكم في إدراكنا للعالم؟
الجذور والخلفيات
مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تحولت منصات الأخبار من كونها وسيلة لنشر المعلومات إلى أدوات ذكية لتصفية المحتوى. هذا التحول بدأ منذ أوائل العقد الأول من الألفية، عندما طورت الشركات الكبرى أنظمة خوارزمية لمعرفة تفضيلات المستخدمين، وتوجيه المحتوى بما يخدم مصالح سياسية وتجارية.
الآليات والفاعلون
- الشركات التقنية الكبرى: جوجل، فيسبوك، تيك توك وغيرها تتحكم في خوارزميات ترتيب المحتوى وتوصيته.
- الدول والحكومات: تستغل هذه الأنظمة لترويج سياسات معينة أو السيطرة على المعلومات في أزمات سياسية.
- المستشارون الرقميون: يضعون استراتيجيات تستهدف سلوك الجمهور، استنادًا إلى البيانات الضخمة والتحليلات النفسية والسلوكية.
الخطاب والسردية
الخوارزميات تعمل بصمت، لكنها تعيد تشكيل إدراكنا للعالم:
- تضخيم موضوعات بعينها وتهميش أخرى.
- تعزيز ما يتفق مع التوجهات السائدة لدى المنصة أو الدولة المسيطرة.
- خلق فقاعات معلوماتية تحد من تعرض المستخدمين لوجهات نظر مختلفة. الفرق بين الخطاب المعلن والواقع المخفي يكمن في أن الجمهور يظن أنه يختار ما يراه بحرية، بينما يتم توجيهه بشكل ممنهج.
الانعكاسات والنتائج
- التحكم في أولويات ما يراه المجتمع، وبالتالي تشكيل الرأي العام.
- ضعف القدرة على تكوين تصور متوازن للأحداث العالمية والمحلية.
- زيادة النفوذ السياسي والاقتصادي عبر توجيه الرأي العام دون الحاجة إلى تدخل مباشر في القرارات.
المقاومة والبدائل
- التوعية بالتقنيات المستخدمة والخوارزميات وتأثيرها على الإدراك.
- دعم منصات إعلامية بديلة مفتوحة المصدر وشفافة في آلية ترتيب المحتوى.
- أدوات الرقابة الذاتية للأفراد، مثل تحليل مصادر الأخبار ومقارنة وجهات النظر المختلفة قبل تكوين الرأي.
الخاتمة
خوارزميات السلطة تُظهر أن السيطرة على المعلومات لم تعد فقط بيد الحكومات، بل أصبحت موزعة بين شركات التقنية الكبرى والمصالح الاستراتيجية. السؤال المفتوح: هل يمكن للمجتمع استعادة حريته في اختيار ما يراه في عصر يهيمن عليه التوجيه الرقمي؟
سلسلة: خيوط السيطرة: قراءة في النظام الدولي وصناعة الوعي والعالم العربي