إسرائيل: تراجع الدعم الشعبي في العالم: قراءة تحليلية لعام 2025

في العقدين الأخيرين، شهدت إسرائيل تغيّرًا جذريًا في موقعها الشعبي العالمي. بينما حافظت بعض الحكومات الغربية على دعمها الرسمي، فإن الرأي العام العالمي أصبح أكثر تشتتًا وتقييدًا، بل في كثير من المناطق يتجه نحو الانتقاد القوي والمقاطعة الرمزية. في عام 2025، تتضح آثار الحروب الأخيرة على غزة، وحملات التضامن الدولية، والانتشار الواسع للمحتوى الإعلامي البديل على الشبكات الاجتماعية، حيث أصبحت الصورة التي يرى بها المواطن العادي إسرائيل أقل شرعية وأكثر تعرضًا للنقد. هذا التحول لا يعكس فقط تغيرات سياسية، بل تحولًا استراتيجيًا في المخيال الشعبي الدولي تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

1. الدعم الشعبي الغربي: انقسام متزايد

في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، لا يزال بعض الجمهور الداعم لإسرائيل موجودًا، لكنه أصبح أقلية متزايدة الانقسام.

  • فئات اليمين السياسي في أمريكا وبعض الدول الأوروبية المحافظة ما تزال ترى إسرائيل حليفًا استراتيجيًا ضد النفوذ الإقليمي المعادي، لكنها تمثل اليوم قاعدة ضيقة مقارنة بالماضي.
  • الشباب واليسار السياسي يميلون إلى الانتقاد الصريح لإسرائيل بسبب ممارساتها في الحصار والحروب، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في غزة.
  • وسائل التواصل الاجتماعي وساحة الإعلام البديل لعبت دورًا حاسمًا: كل حادثة قصف أو حصار تُوثق وتُنشر عالميًا، مما يضعف التعاطف الشعبي مع إسرائيل ويزيد الضغط الأخلاقي على الحكومات الداعمة لها رسميًا.

هذا الانقسام في الرأي الشعبي الغربي يعكس تقلص الشرعية الرمزية لإسرائيل، ويجعل أي دعم شعبي أقل استقرارًا وأكثر هشاشة أمام الأحداث الدولية الكبرى.

2. آسيا وأفريقيا: دعم محدود ومشروط

في القارات الآسيوية والأفريقية، يميل الرأي العام إلى المحايدة أو التعاطف مع الفلسطينيين.

  • أي دعم شعبي لإسرائيل غالبًا ما يكون محدودًا بالأطر الاقتصادية أو المؤسسية، مثل التعاون التكنولوجي أو التجاري، لكنه لا يمتد إلى الدعم العاطفي أو الشعبي الواسع.
  • الإعلام الدولي البديل، والمنصات الاجتماعية المحلية، جعلت الجمهور أكثر وعيًا بالأبعاد الإنسانية للصراع، مما يقلل من القبول الشعبي بأي رواية إسرائيلية تقليدية.

هذا الاتجاه يشير إلى أن إسرائيل خسرت من التأثير الرمزي الاستراتيجي في هذه المناطق، حيث لم تعد القيم الرمزية أو المواقف التاريخية كافية للحفاظ على قاعدة دعم شعبي.

3. العالم العربي والإسلامي: دعم شعبي شبه معدوم

الشعوب العربية والإسلامية أظهرت رفضًا شبه كامل لدعم إسرائيل، سواء على المستوى الشعبي أو الرمزي.

  • التضامن مع الفلسطينيين في هذه الدول أصبح قضية أساسية في الشارع العام، خصوصًا بين الشباب والمجتمع المدني.
  • الحملات التضامنية، والمظاهرات، والنشاطات الرقمية واسعة الانتشار، أظهرت بوضوح أن أي محاولة لإظهار دعم شعبي لإسرائيل في هذه المنطقة تكون شبه مستحيلة.
  • حتى مع وجود علاقات اقتصادية أو سياسية رسمية بين بعض الدول العربية وإسرائيل، يبقى الرأي الشعبي معارضًا وجوهريًا، ويستغل كل حادثة انتهاك لتعزيز الحملات العالمية ضد إسرائيل.

يمكن القول إن الضغط الشعبي العربي أصبح قوة موازية للموقف السياسي الرسمي، ويشكل تحديًا دائمًا للاستراتيجيات الإسرائيلية في المنطقة.

4. العوامل الإعلامية: من السيطرة إلى الانكشاف

أحد أهم أسباب تراجع الدعم الشعبي لإسرائيل عالميًا هو التحول في وسائل الإعلام:

  • الإعلام البديل والشبكات الاجتماعية جعلت الجمهور العالمي يشاهد الأحداث لحظة بلحظة، بما في ذلك القصف، الحصار، واحتجاز القوافل الإنسانية.
  • هذا الانكشاف المباشر يقلل من قدرة إسرائيل على السيطرة على السردية، ويضعها تحت ضغط شعبي مستمر حتى في الدول التي كانت تعتبر داعمة تقليديًا.
  • الصور والفيديوهات الواقعية تظهر الانتهاكات والآثار الإنسانية للحصار والحروب، مما يخلق صورة رمزية قوية ضد إسرائيل على مستوى الرأي العام العالمي.

بالتالي، الخسارة الكبرى لإسرائيل ليست عسكرية أو مادية، بل استراتيجية رمزية وسياسية، تؤثر على القدرة على حشد الدعم الشعبي عالميًا.

5. النتائج الاستراتيجية

بحلول عام 2025، يمكن تلخيص الموقف الشعبي العالمي تجاه إسرائيل في النقاط التالية:

  • ضعف الدعم الشعبي الغربي، مع انقسام واضح بين اليمين المؤيد واليسار المنتقد.
  • غياب الدعم الشعبي العاطفي في آسيا وأفريقيا، مع استمرار التعاطف الرمزي مع الفلسطينيين.
  • رفض شعبي شبه كامل في العالم العربي والإسلامي، رغم العلاقات الرسمية لبعض الحكومات مع إسرائيل.
  • تزايد الضغوط الإعلامية والشبكية، ما يحول أي حدث عسكري أو أمني إلى قضية رمزية تؤثر على الصورة العامة لإسرائيل.

النتيجة النهائية: إسرائيل فقدت جزءًا كبيرًا من شرعيتها الشعبية العالمية، وأصبح أي تحرك عسكري أو سياسي في المنطقة محاطًا بمتغيرات الرأي العام التي تحدد مسارات الضغط الدولي والرمزي ضدها.

خاتمة

في عام 2025، الدعم الشعبي لإسرائيل لم يختفِ تمامًا، لكنه أصبح هشًا، محدودًا، ومشحونًا بالانقسامات. حتى مع استمرار الدعم الرسمي من بعض الحكومات الغربية، فإن الرأي العام العالمي أصبح قوة موازية تؤثر على السياسة الدولية، وتقلل من قدرة إسرائيل على الاستفادة الرمزية من تحركاتها العسكرية أو السياسية.
هذا التحول ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل تحول استراتيجي طويل المدى، يظهر أن القوة العسكرية أو التحالفات الرسمية لم تعد كافية للحفاظ على التأييد الشعبي، وأن أي سياسة إسرائيلية تجاه الفلسطينيين ستكون دائمًا تحت المجهر العالمي.



وصف الصورة المناسبة للمقال

يمكن أن تكون صورة فوتوغرافية واقعية، تظهر خريطة العالم مع رموز تعبيرية للألوان تمثل التعاطف الشعبي مع إسرائيل مقابل فلسطين:

  • مناطق باللون الأحمر الداكن للدلالة على رفض شعبي كامل (العالم العربي).

  • مناطق برتقالي لتدل على دعم محدود أو محايد (آسيا وأفريقيا).

  • مناطق بالأزرق الفاتح للدلالة على دعم شعبي موجود لكن منقسم (أوروبا وأمريكا الشمالية).

  • في مقدمة الصورة، يمكن وضع رمزية واضحة للقضية الفلسطينية، مثل مظاهرة تضامنية أو قارب قافلة الصمود، لإيصال الطابع الإنساني للموضوع.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.