
لكن الحقيقة أن الاستدامة الاقتصادية في أغلب السياقات الحديثة وهم وظيفته تبرير النمو المستمر، وليس حماية الموارد أو حياة الإنسان.
كثير من الخطط الاقتصادية “المستدامة” تعتمد على افتراضات غير واقعية، ديون متزايدة، وتحويل المخاطر إلى المستقبل، بحيث يبدو الاقتصاد متوازنًا على الورق فقط.
الاستدامة في مواجهة النمو
المشكلة الجوهرية هي الصراع بين النمو المستمر والموارد المحدودة:
- الاقتصادات الحديثة مصممة على النمو الدائم، وهو تعارض طبيعي مع حدود الموارد البيئية والمالية.
- أي خطة “استدامة” غالبًا ما تبرر استمرار النمو الحالي دون معالجة جوهرية للتفاوت أو الإفراط في الاستهلاك.
- الاقتصاد يُعرض على أنه مستدام، بينما المواطن ومستوى المعيشة يعتمد على استدانة مستمرة وتحويل الأعباء إلى المستقبل.
الديون والإقراض: وهم الضمان المستقبلي
الاستدامة الاقتصادية المعلنة غالبًا تعتمد على الديون:
- الحكومات تمول برامج مستدامة بالقروض والسندات.
- الشركات تستخدم استثمارات مؤقتة لتحقيق مؤشرات “صديقة للبيئة” أو “مستدامة”.
- المواطن أو الأجيال القادمة يتحملون تكلفة هذه السياسات، بينما يُسوّق للنظام على أنه متوازن.
النتيجة: الاستدامة تظهر على الأرقام، لكنها غير موجودة فعليًا على مستوى الواقع اليومي.
المؤسسات الدولية والشركات الكبرى: بناء صورة مستدامة
الخطاب العالمي حول الاستدامة غالبًا ما يُسيطر عليه:
- صندوق النقد والبنك الدولي: يروجون لبرامج التمويل “المستدامة” مع التركيز على النمو المالي أكثر من العدالة البيئية أو الاجتماعية.
- الشركات متعددة الجنسيات: ترفع شعارات “صديقة للبيئة”، لكنها تستمر في سياسات استهلاكية مضاعفة للموارد، أو تحويل الأزمات البيئية إلى مناطق أقل رقابة.
الاستدامة هنا ليست واقعًا، بل أداة دعائية لتبرير النمو المستمر واحتواء الانتقادات.
الوعي الفردي: الفخ الاقتصادي
الإنسان اليوم يُسوق له أن الممارسات الاستهلاكية يمكن أن تكون مستدامة: شراء منتجات عضوية، استخدام الطاقة المتجددة، الاستثمار الأخضر.
لكن في الخلفية:
- الاقتصاد يعتمد على إنتاج مفرط.
- الموارد الطبيعية تُستنزف بوتيرة أسرع من القدرة على تجديدها.
- الفجوة بين ما يُسوَّق وما يحدث فعليًا تجعل المواطن جزءًا من نظام “مستدام شكليًا”، لكنه غير مستدام فعليًا على الأرض.
خاتمة: الاستدامة كواجهة للوعي الاقتصادي الزائف
وهم الاستدامة يكشف كيف يمكن للسياسات الاقتصادية الحديثة أن تروج لصورة متوازنة ومستقبلية، بينما الواقع اليومي، والتوزيع الحقيقي للموارد، والديون المستقبلية، تجعل الاستدامة مجرد واجهة إعلامية وسياسية.
الوعي بهذا الوهم يمكّن القراء من فهم أن الاستدامة الاقتصادية ليست مجرد مشاريع بيئية أو مالية، بل هي جزء من خطاب أكبر يبرر استمرار النمو، ويخفف الضغط على النظام القائم، ويحوّل المسؤولية إلى المستقبل.
جدول رمزي: الدخل مقابل الصرف ومؤشرات الاستدامة الاقتصادية
البلد | الدخل (ثابت = 10) | الصرف من 10 | ملاحظة بالنسبة للاستدامة الاقتصادية |
---|---|---|---|
الولايات المتحدة | 10 | 11 | استهلاك مرتفع وديون كبيرة تجعل الاستدامة شكليّة. |
ألمانيا | 10 | 8 | سياسات مالية وبيئية مدروسة تعزز استدامة نسبية. |
اليابان | 10 | 8 | الاقتصاد متوازن نسبيًا، لكن الاعتماد على الديون طويل الأمد موجود. |
فرنسا | 10 | 9 | استدامة ظاهرية مدعومة بالبرامج الحكومية، لكنها محدودة التأثير. |
كندا | 10 | 9 | مشاريع “خضراء” مستمرة، لكن تعتمد على استدانة وتكاليف مستهلكة. |
البرازيل | 10 | 12 | التوسع غير المتوازن في الموارد والاستهلاك يجعل الاستدامة وهمًا. |
سنغافورة | 10 | 9 | برامج مستدامة بشكل شكلي، لكنها محدودة الأثر على الموارد الحقيقية. |
النرويج | 10 | 8 | استثمار صندوق الثروة وسياسات البيئة تعزز استدامة حقيقية نسبياً. |
الصين | 10 | 10 | مشاريع ضخمة تُسوّق كمستدامة، لكن التوسع الصناعي يستنزف الموارد بسرعة. |
الهند | 10 | 11 | النمو الاقتصادي مستمر، لكن الاستدامة الفعلية منخفضة جدًا بسبب الاستهلاك المتزايد والديون. |
ملاحظات بصرية:
- الصرف > 10 → استهلاك وديون مرتفعة → الاستدامة شكلية وهشة.
- الصرف < 10 → سياسات مدروسة → استدامة نسبية وواقعية.
- الصرف = 10 → استدامة ظاهرية تعتمد على موازنة مؤقتة بين النمو والموارد.