
إسرائيل كأصل استراتيجي
منذ تأسيسها، لم تكن إسرائيل عبئًا على واشنطن، بل أصلًا استراتيجيًا يخدم الهيمنة على الشرق الأوسط. وجود كيان مدجج بالسلاح ومحصن بالدعم الغربي هو الضمانة لبقاء المنطقة تحت السيطرة ومنع نشوء أي قوة عربية أو إقليمية مستقلة. لذلك، فإن السماح بانكسار إسرائيل أمام المقاومة يعني اهتزاز المشروع الأمريكي كله.
رسالة إلى الخصوم الدوليين
غزة تحولت إلى ساحة استعراض أمريكي للعالم. فالدعم المطلق للإبادة ليس موجَّهًا للفلسطينيين وحدهم، بل هو رسالة إلى روسيا، الصين، وإيران: واشنطن مستعدة لتدمير أي قوة أو مجتمع يتحدى وصايتها. إبادة غزة ليست حادثًا عرضيًا، بل استراتيجية ردع عالمية لإثبات أن اليد الأمريكية ما زالت الأعلى بعد إخفاقات العراق وأفغانستان وأوكرانيا.
الداخل الأمريكي واللوبي
الإدارة الأمريكية ليست خاضعة للابتزاز بقدر ما هي محكومة بقوانين اللعبة الداخلية: تمويل انتخابي، إعلام موجه، جماعات ضغط. اللوبي الصهيوني لا يفرض سياسة جديدة، بل يضمن بقاء السياسيين على المسار الذي يخدم المشروع الإمبراطوري ذاته. ومن ثم يصبح أي تراجع عن دعم إسرائيل بمثابة انتحار سياسي لأي رئيس.
اقتصاد الحرب وصناعة السلاح
كلما طال أمد المجازر، تضاعفت عقود التسليح والإنفاق العسكري. المجمع الصناعي – العسكري الأمريكي يرى في الحرب فرصة ذهبية لتدوير اقتصاده وفرض هيمنته عبر السوق العالمية للسلاح. غزة هنا ليست سوى حلقة في دورة اقتصادية – استراتيجية أكبر.
فلسفة السيطرة على الشعوب
الولايات المتحدة لا تتعامل مع الفلسطينيين كشعب يملك حقوقًا، بل ككتلة ديموغرافية يجب إخضاعها أو تقليصها متى استدعت الحاجة. الإبادة ليست انحرافًا أخلاقيًا، بل أداة مقصودة لإعادة هندسة الواقع السياسي والسكاني في المنطقة بما يضمن بقاء السيطرة.
الخلاصة
إصرار أمريكا على الحرب في غزة ليس دفاعًا عن إسرائيل فحسب، بل هو دفاع عن منظومة الهيمنة ذاتها: تأمين الأصل الاستراتيجي الإسرائيلي، ردع الخصوم الدوليين، حماية الداخل السياسي الأمريكي، وتنشيط اقتصاد الحرب. أما الإبادة الجماعية، فهي ليست عارضًا جانبيًا، بل جزء مبرمج من هذه الاستراتيجية.
- مقدمة: غزة والاستراتيجية الأمريكية
- الجزء الأول: لماذا تصر أمريكا على حرب الإبادة في غزة؟
- الجزء الثاني: غزة كمرآة: ما الذي تكشفه الحرب عن مستقبل النظام الدولي؟