
أولاً: الحروب بالوكالة... زرع الفوضى لتفكيك الدول
تشهد مناطق عدة من العالم، خصوصاً في الشرق الأوسط وأفريقيا، حروباً تُدار عبر وكلاء محليين بدعم مباشر أو غير مباشر من دول كبرى، لا تسعى إلى السلام بقدر ما تهدف إلى إطالة أمد الصراع وإضعاف الدولة الأصلية.
هذه الحروب تخلق:
- نزوحاً داخلياً وخارجياً هائلاً.
- تدميراً للبنية التحتية والخدمات الأساسية.
- حالة من الخوف وعدم الاستقرار تجعل البقاء خيارًا صعباً.
وهكذا، تتحول هذه المناطق إلى "مصانع للنزوح"، تنفخ في أرقام اللاجئين والمهاجرين الذين تلتقطهم دول الغرب لاحقاً.
ثانياً: العقوبات الاقتصادية... قتل اقتصادي ممنهج
العقوبات الاقتصادية التي تفرضها القوى الغربية على دول معينة تعمل على خنق اقتصادياتها، وتدمير فرص العمل، وتدهور مستويات المعيشة، مما يدفع المزيد من الناس إلى البحث عن مخرج عبر الهجرة.
هذه العقوبات لا تُفرض فقط لأسباب سياسية، بل تستهدف:
- إضعاف قدرة الدولة على تقديم الخدمات.
- خلق حالة من الإحباط الاجتماعي والسياسي.
- دفع النخب والأفراد الباحثين عن حياة كريمة إلى الهروب.
إنها حرب اقتصادية تخدم أهداف الهيمنة والاستعمار الجديد.
ثالثاً: دعم أنظمة استبدادية... خلق بيئة لا حرية فيها
في بعض الحالات، تدعم الدول الغربية أنظمة سياسية استبدادية في البلدان الأصلية تحت مسمى "الاستقرار" أو "مكافحة الإرهاب"، متجاهلة حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
هذه الأنظمة تضيق الخناق على المجتمع المدني، وتمنع فرص الإصلاح والتنمية، مما يؤدي إلى تفاقم أزمات الفقر والبطالة، التي تنتهي بدفع الناس للهجرة.
رابعاً: التلاعب بالأزمات البيئية... حجة للهجرة
التغير المناخي والأزمات البيئية تُستغل أحياناً كذريعة لصناعة أزمات هجرة، إذ تقوم بعض الدول والمؤسسات الدولية بتضخيم أثر هذه الأزمات لتبرير سياسات الهجرة والتدخلات الخارجية.
مثلاً:
- تدمير الغابات والموارد الطبيعية بشكل ممنهج.
- إهمال الزراعة التقليدية.
- تشجيع استثمارات أجنبية تستنزف الموارد.
كل ذلك يصنع بيئة معيشية متدهورة تُجبر الناس على المغادرة.
خامساً: السياسات التنموية المشوهة... مشاريع تدمّر بدلاً من بناء
تدخلات التنمية الغربية في البلدان الأصلية غالباً ما تكون مرتبطة بشركات متعددة الجنسيات تسعى لاستغلال الموارد الطبيعية والبشرية، وليس خدمة المجتمعات المحلية.
هذه المشاريع تخلق:
- تشريداً للسكان الأصليين.
- انهياراً للاقتصاد الوطني.
- زعزعة للأمن الغذائي والاقتصادي.
في النهاية، تصبح هذه المناطق "مصادر للهجرة" بدلاً من أن تكون أماكن للازدهار.
سادساً: الإعلام والغربال المعلوماتي... صناعة الرأي العام
تلعب وسائل الإعلام الغربية دوراً مركزياً في تهيئة الرأي العام لتقبل الهجرة، من خلال:
- تقديم اللاجئ كضحية إنسانية فقط، مع تجاهل السياق السياسي والاقتصادي لصنع الأزمة.
- إخفاء أو تحجيم دور القوى الغربية في صناعة هذه الأزمات.
- تضليل الجمهور عن الأبعاد الاستراتيجية للهجرة.
هذا ما يسمح بمواصلة السياسات دون مساءلة حقيقية.
سابعاً: الاستفادة السياسية والاقتصادية... المكاسب وراء الكواليس
خلف كل هذه السياسات هناك مكاسب واضحة للغرب، منها:
- تعزيز نفوذ جغرافي وسياسي في مناطق مهمة.
- توفير قوة عاملة رخيصة ومتجددة تدعم الاقتصاد.
- تحييد التهديدات السياسية عبر تفتيت الدول الأصلية.
- فرض نماذج اقتصادية وثقافية تستجيب لمصالح النخب الحاكمة.
خاتمة
إن صناعة الهجرة ليست حادثة عشوائية أو نتيجة قضاء وقدر، بل هي نتاج سياسات ممنهجة تخلق ظروفاً مأسوية في بلدان المنشأ.
فهم هذا الواقع هو الخطوة الأولى نحو مواجهة المشكلة بحلول جذرية لا تقتصر على إدارة الهجرة في دول الاستقبال، بل تمتد إلى إعادة النظر في السياسات الدولية التي تُفضي إلى خلق أزمات تُجبر ملايين البشر على الرحيل.