حرية التعبير المشروطة : حين تُصبح الكلمات تحت الرقابة

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الأولى: الإعلام
المقال (1): حرية التعبير المشروطة – حين تُصبح الكلمات تحت الرقابة

المقدمة
حرية التعبير... ذاك الشعار المقدّس الذي ترفعه الديمقراطيات الحديثة كدليل على تفوقها الأخلاقي، وكأنها تُقيم حدود النور حيث يقف الآخرون في الظلام. لكن، حين نقترب من تفاصيل هذه "الحرية"، نجد أن الكلمة التي تُخالف الخطاب السائد تُقصى بلطف أو تُدفن بصخب، وأن التعبير المسموح هو ما لا يُربك مصالح الأقوياء. فهل حرية التعبير حق فعلي، أم امتياز انتقائي؟ هل هي سلاح للناس أم أداة بيد السلطة لتمييز المقبول من المرفوض؟

المسلمة المزعومة: حرية التعبير مطلقة ومكفولة للجميع في الغرب
تُروّج وسائل الإعلام والمؤسسات السياسية لفكرة أن الغرب هو معقل حرية التعبير، وأنه يحمي الكلمة حتى وإن خالفت الرأي العام. تُقدَّم هذه الحرية بوصفها حجر الزاوية للديمقراطية، وميزة جوهرية تفرّقه عن باقي الثقافات "القمعية".

الهدف منها: ترسيخ التفوق الأخلاقي وتبرير التدخلات
يُوظّف هذا التصوّر لترسيخ تفوّق حضاري أخلاقي يُبرر التمييز، ويُبرر "التدخل" في شؤون المجتمعات الأخرى بذريعة "إنقاذها" من القمع. كما يُستخدم داخليًا لطمس أي نقد جذري للبنية السياسية أو الاقتصادية، باعتبار أن مجرد القدرة على الكلام تعني أن كل شيء بخير.

الأساليب المستخدمة: احتكار المنصة، وتحديد المقبول

  • تُقيَّد حرية التعبير عبر قوانين فضفاضة مثل "خطاب الكراهية" و"الأمن القومي"، والتي تُستخدم بشكل انتقائي.

  • يُشيطن الخطاب الخارج عن المألوف بوصفه مؤامرة، أو تطرفًا، أو تزييفًا.

  • تُدفع منصات التواصل لغلق حسابات معيّنة باسم "مكافحة المعلومات المضللة"، بينما يُسمح بخطاب رسمي لا يقل تضليلًا.

  • تُهمَّش الأصوات المخالفة عبر خوارزميات تحجب الوصول، أو عبر تجفيف الدعم المالي والإعلاني، أو عبر التنمّر الإعلامي.

النتائج: حرية التعبير شكلية، والرقابة ناعمة ومؤثرة
ما يُقدَّم كحرية هو في كثير من الأحيان حرية تكرار الخطاب السائد. أما من يتجاوزه، فيُعاقَب لا بالسجن بالضرورة، بل بالإلغاء الرمزي، والتشهير، والتهم الجاهزة. وهكذا، تتحول "الحرية" إلى قيد ناعم لا يُرى، لكنه يُحدد مَن يُسمَح له بالكلام، وماذا يُسمح له أن يقول.

الخاتمة: دعوة لإعادة النظر في وهم الحرية المطلقة
حرية التعبير لا تُقاس بوجود منابر، بل بمدى سماحها بالأسئلة المحرّمة، وباستعدادها لاحتضان النقد الجذري. لا يكفي أن يُسمح لك بالكلام، بل يجب أن يُسمع صوتك، ويُتاح له الحضور دون شروط انتقائية. علينا أن نعيد التفكير في معنى "الحرية" حين تتحول إلى مجرد حق في الكلام داخل قفص.


كلمات مفتاحية
حرية التعبير، الرقابة الناعمة، حرية التعبير في الغرب، تكميم الأفواه، الإعلام الغربي، خطاب الكراهية، الديمقراطية، تقييد الكلمة، حرية التعبير المشروطة، منصات التواصل، حرية الإعلام، التضليل الإعلامي

وصف الصورة المقترحة
رجل يضع لاصقًا على فمه عليه شعار حرية التعبير، بينما يداه مكبلتان بسلاسل معدنية تتدلى منها رموز شركات إعلامية ومنصات شهيرة. الخلفية شاشة عملاقة تبث شعارًا مبتسمًا عن الديمقراطية. 

أحدث أقدم
🏠