خرافة الاستقلال الإعلامي: من يملك المعلومة يملك العقول

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الأولى: الإعلام
المقال (2): خرافة الاستقلال الإعلامي – من يملك المعلومة يملك العقول

المقدمة
يتكرّر أمامنا على الشاشات والصفحات شعار: "وسائل الإعلام المستقلة"، كأن الإعلام يعيش في فلك منفصل عن السلطة والمال. تُقدَّم القنوات الكبرى بوصفها كيانات مهنية لا تُحابي أحدًا، لا تتلقى أوامر، ولا تنحاز. لكن من يموّل؟ ومن يقرر جدول البث؟ ومن يختار الخبر؟ ما إن نطرح هذه الأسئلة حتى تتكشّف شبكة مصالح معقّدة، تجعل فكرة الاستقلال الإعلامي أقرب إلى أسطورة ناعمة تُخفِي بداخلها مراكز القوة.

المسلمة المزعومة: الإعلام في الغرب مستقل تمامًا عن الدولة والسلطة
يرتكز الخطاب الإعلامي الغربي على ترسيخ فكرة أن الصحافة "الحرّة" هي ركيزة الديمقراطية، وأن استقلال الإعلام مكفول بالدستور والمهنية. ويُعاد تكرار هذه الفكرة عبر الجوائز الدولية، ومراكز التصنيف، والبرامج الوثائقية التي تُمجّد "المهنية الصحفية".

الهدف منها: تبرير الثقة المطلقة بالمعلومة المروّجة وتضليل المتلقي
هذه المسلمة تُنتج انطباعًا بأن كل ما يصدر عن هذه المنصات هو الحقيقة. وتُحبط أي محاولة للتشكيك أو البحث عن مصادر بديلة. فحين يُصدّق الجمهور أن الإعلام مستقل، فإن الرواية المقدمة تبدو له تلقائيًا "محايدة"، حتى لو كانت مشبعة بالتحيّزات السياسية والاقتصادية.

الأساليب المستخدمة: تمويه الروابط وتمويلات الشركات الكبرى

  • يُخفى التمويل الحقيقي خلف واجهات مؤسساتية، أو يُغلَّف بمصطلحات "رعاية" و"دعم" و"إعلانات".

  • تُمنح المنابر الكبرى حق الوصول الحصري للمصادر، مما يجعلها المرجع الوحيد تقريبًا، فيتحكم مَن يملك المصدر في صياغة السرد.

  • تُختار رؤوس التحرير بعناية لضمان التماهي مع التوجه السياسي العام، دون الحاجة لأوامر مباشرة.

  • يُهمّش الإعلام البديل أو يُصنّف كـ"دعاية" أو "مؤامرة" أو "غير مهني"، لمجرّد خروجه عن الخط الرسمي.

النتائج: إعلام موجَّه يُنتج وعيًا مشوّهًا
يُنتج هذا النموذج إعلامًا يُمارس الدور الذي يُفترض أن يُعارضه: تثبيت الرواية الرسمية، تبرير الحروب، تشويه الخصوم، وتوجيه الرأي العام نحو ما يخدم النظام القائم. وهكذا، لا يعود الإعلام كاشفًا للحقيقة، بل صانعًا لها وفق مصالح من يملك المنصة.

الخاتمة: لا استقلال لمن لا يملك نفسه
الاستقلال الإعلامي الحقيقي لا يُقاس بالشعارات ولا بالدستور، بل بمن يتحكّم في المال والمعلومة والقرار التحريري. يجب أن نُعيد النظر في ثقتنا العمياء بالمؤسسات الإعلامية الكبرى، وأن نفكّك علاقاتها الخفية مع السلطة، لا سيما حين تتحدث بلهجة واحدة وتُقصي كل صوت مختلف.

كلمات مفتاحية
الاستقلال الإعلامي، الإعلام الغربي، ملكية وسائل الإعلام، التضليل الإعلامي، تمويل القنوات، الصحافة الحرة، الإعلام والدولة، تحكم الشركات في الإعلام، الإعلام والتوجيه، حرية الصحافة

وصف الصورة المقترحة
كاميرا تصوير ضخمة، موجهة نحو الجمهور، لكن يدًا خفية خلفها تسحب خيوطها مثل الدمية. على الجدار خلف الكاميرا يظهر ظل لرجل أعمال ضخم يجلس على مكتب، وتُحيط به أوراق نقدية وشعارات شركات إعلامية. (الصورة أفقية، رمزية، بدون كتابة)

أحدث أقدم
🏠