إسرائيل: دولة الاحتلال بين الداخل المُتقلّب والخارج العدائي

عند ذكر إسرائيل، تتبادر إلى الذهن دولة تأسست على وعد تاريخي، تحمل شعار "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ولكنها في الوقت ذاته، مركز توتر دائم وصراعات مستعرة منذ تأسيسها عام 1948.

هي دولة متفردة بقدرتها على إدارة صراعات داخلية معقدة، وفي الوقت نفسه تؤثر بقوة على السياسة الإقليمية والدولية، مما يجعل فهمها من زاوية واحدة ضرب من السذاجة.

الخطاب المعلن

تعرض إسرائيل نفسها كدولة يهودية ديمقراطية تحمي مواطنيها من تهديدات الإرهاب، وتعمل على ضمان الأمن والاستقرار في منطقة مضطربة.
تدّعي التزامها بقيم القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتبرر سياساتها العسكرية والتوسعية بأنها إجراءات دفاعية ضرورية ضد أعداء يرغبون في تدميرها.
على المستوى الدولي، تسوّق إسرائيل نفسها كحليف استراتيجي للغرب، وراعية للقيم الديمقراطية في مواجهة "الإرهاب الإسلامي".

الجانب المظلم

الاحتلال والسيطرة القمعية

الجانب الأبرز والأكثر إشكالية في الداخل والخارج هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، الذي يستمر منذ أكثر من سبعين عامًا.

  • سياسة الاستيطان المستمرة تُغتصب بها الأرض الفلسطينية، ويتم تهجير السكان الأصليين بالقوة أو عبر سياسات اقتصادية واجتماعية مدروسة.
  • الجيش الإسرائيلي يستخدم القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، مما يتسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين، وحصار مستمر على غزة يزيد من معاناة السكان.
  • القوانين الداخلية تُكرّس التمييز، سواء عبر قوانين صهيونية تُفضل اليهود على العرب في الحقوق والموارد، أو عبر ممارسات الشرطة والقضاء.

الطابع الاستعماري والتفرد

إسرائيل ليست مجرد دولة ديمقراطية عادية، بل مشروع استعماري قائم على الاستيلاء على أرض الغير وفرض سيادة عنيفة.

  • تحالفات داخلية مع فصائل يمينية متطرفة تعزز من سياسة القمع والتفرقة.
  • ممارسات ضد الأقلية العربية داخل إسرائيل نفسها، والتي تُعد مواطنين من الدرجة الثانية، مع تهميش متكرر للحقوق المدنية والسياسية.
  • توظيف الدين اليهودي كأداة لتبرير التوسع والتمييز.

التدخلات الإقليمية والتوسع العسكري

خارجياً، تمارس إسرائيل نفوذاً واسعاً عبر سياسات تدخل عسكرية وسيبرانية وأمنية في الدول المحيطة، مثل لبنان وسوريا والعراق، وكذلك في المناطق الفلسطينية المحتلة.

  • تبني علاقات سرية أو معلنة مع أنظمة استبدادية لتحقيق مصالح استراتيجية، بغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان.
  • استخدام التكنولوجيا والتجسس لتأمين التفوق على الخصوم، مما يوسع دائرة النزاع والصراع في المنطقة.
  • التأثير السياسي والمالي على الولايات المتحدة وأوروبا لتعزيز مصالحها، وتأخير أي حل عادل للقضية الفلسطينية.

التشويه الإعلامي واستغلال الإعلام الدولي

إسرائيل تستثمر بفعالية في صناعة سردية إعلامية عالمية تُظهرها كضحية، وتُبرر سياساتها العسكرية بقصص "الإرهاب" والتطرف الفلسطيني.

  • هذا السرد يحجب الواقع القمعي والاحتلالي، ويعزّز تحالفات دولية مبنية على الخوف والتوجس من "الإرهاب الإسلامي".
  • تستهدف وسائل الإعلام منظمات حقوق الإنسان والنشطاء الذين يفضحون جرائم الاحتلال، وتتهمهم بـ "التحريض" أو "معاداة السامية".

تطوير وعي نقدي: خطوات نحو التحرر الفكري

  • قراءة القضية الفلسطينية كجزء من مشروع استعماري يمتد عقودًا، لا مجرد نزاع ديني أو عرقي.
  • إدراك أن الخطاب الإعلامي الغربي مرتبط بمصالح سياسية، وليس مجرد نقل للحقائق.
  • تمكين صوت الفلسطينيين والشعوب المظلومة عبر دعم حركات التضامن العالمية التي تعكس الواقع الحقيقي.
  • التشكيك في خطاب "الديمقراطية الإسرائيلية" ومحاولة فصله عن ممارسات الاحتلال والتمييز العنصري.
  • توسيع النقاش ليشمل دور الدول الكبرى في استمرار الأزمة، وعدم الاكتفاء بتحميل الجانب الإسرائيلي وحده المسؤولية.

الخاتمة التحليلية

إسرائيل ليست فقط دولة تواجه أعداء خارجيين، بل مشروع احتلالي استعماري يسعى لترسيخ نفوذه عبر القوة والتقنيات والسياسات العنصرية.
الخطاب المعلن يخفي تحت ستاره قمعًا داخليًا واستراتيجيات توسعية، وتواطؤًا دوليًا يغذي دورة الصراع المستمرة.
فهم إسرائيل يتطلب تجاوز الصورة النمطية، والكشف عن الآليات الخفية التي تكرس الانقسام، وتجعل السلام العادل حلًا بعيد المنال.

أحدث أقدم
🏠