إيران: هل تفكك إسرائيل نظام الملالي حقًا؟

تتكرر التحليلات عن وجود مشروع غربي – صهيوني لتفكيك النظام الإيراني، وخاصة مع تصاعد الضربات المتبادلة، واتهام طهران بإنتاج السلاح النووي وتهديد أمن إسرائيل. لكن هل إسرائيل، بما تملكه من نفوذ استخباراتي وعسكري، جادة حقًا في إسقاط النظام الإيراني؟

أم أن إيران – بشكل غير مباشر – تؤدي دورًا استراتيجيًا يخدم مصالح كبرى، عبر تكريس الانقسام الإسلامي، وتأبيد الفوضى، وخلق توازن رعب دائم يبرّر التحالفات والتدخلات؟
في هذا المقال نحلل مدى مصداقية "تفكيك إيران" كهدف حقيقي لإسرائيل، ولماذا قد يكون بقاء العدو المفترض أداة أكثر فاعلية من سقوطه.

الخطاب المعلَن: إيران خطر وجودي على إسرائيل

في الإعلام الغربي، تظهر إيران كخطر استراتيجي وجودي على إسرائيل:

  • تطوير برنامج نووي يشكل "تهديدًا مباشراً".
  • دعم فصائل مقاومة على حدود إسرائيل (حماس، حزب الله).
  • خطاب مكرر حول "محو إسرائيل من الخريطة".

كل هذا يروّج لفكرة أن إسرائيل مضطرة لإسقاط النظام الإيراني أو على الأقل تحجيمه جذريًا.

لكن الحقيقة الاستراتيجية أعمق من هذا التبسيط الإعلامي.

الجانب المظلم: لماذا قد لا تريد إسرائيل إسقاط النظام الإيراني؟

1. بقاء إيران كفزّاعة مفيدة

  • النظام الإيراني يشكّل "عدوًا مثاليًا" لإسرائيل، يخدم روايتها بأنها مهدَّدة دائمًا، مما يبرر:
      • استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط.
      • شرعنة التحالفات مع الأنظمة العربية (اتفاقيات إبراهام).
      • استمرار عسكرة المجتمع الإسرائيلي.
إسقاط هذا النظام، خاصة إذا تلاه فراغ أو نظام أكثر اعتدالًا، سيقلّص فزّاعة "الخطر الإيراني" التي تبرّر السياسات التوسعية.

2. إيران تساهم في تدمير البيئة الاستراتيجية الإسلامية

  • من خلال تغذية الانقسامات الطائفية (سنة – شيعة)، دعمت إيران عن غير قصد الأجندة الغربية في:

      • تفكيك المجتمعات العربية من الداخل.
      • تآكل الجبهة الإسلامية الموحدة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
      • إضعاف المقاومة الشعبية بتحويلها إلى صراعات داخلية بدل مواجهات خارجية.

كل هذا جعل من إيران أداة تخريب للتماسك الإسلامي، دون أن تطلق رصاصة واحدة مباشرة على تل أبيب.

3. ضربات إسرائيل لإيران: ترويض لا إسقاط

  • حتى اليوم، الضربات الإسرائيلية لطهران دقيقة ومحدودة:
      • اغتيال علماء.
      • تفجير منشآت.
      • ضرب أذرع إيرانية في سوريا ولبنان.

لكن دون تجاوز خطوط الحرب الشاملة التي تعني تفكيك النظام نفسه.
هذه سياسة "الاحتواء بالاستنزاف"، لا إسقاط النظام.

الخاتمة

بالنظر إلى مجمل التحليل، يتبين أن إسرائيل لا تسعى فعلاً إلى إسقاط النظام الإيراني بشكل كامل، بل تستخدم سياسة "الاحتواء والترويض" لضبط هذا العدو الذي يخدم مصالحها الاستراتيجية بشكل غير مباشر.
النظام الإيراني، رغم عدائه الظاهر، هو أداة استقرار مشوهة في المنطقة، تحافظ على توازنات تمكّن إسرائيل من الاستمرار في سيطرتها والتوسع.
لذا، من وجهة نظر إسرائيلية استراتيجية، بقاء إيران أفضل من انهيارها، إذ أن سقوطها قد يخلق فراغًا أكثر خطورة من النظام نفسه.
وبالتالي، الحديث عن تفكيك إيران هو خطاب إعلامي وتكتيكي أكثر منه هدفًا واقعيًا وعمليًا.

أحدث أقدم
🏠