
المدرسة كـ"تهديد أمني"
في الخطاب الإسرائيلي، تُسوَّق المدارس كمخابئ لمسلحين، أو مواقع لإطلاق الصواريخ، دون أدلة، ودون اكتراث بنتائج هذا الاتهام. والنتيجة؟ قصفٌ مباشر لمدارس رسمية، تابعة للأونروا أو للسلطة الفلسطينية، بحجج أمنية فضفاضة.
والأخطر، أن يتحول هذا الخطاب إلى تبرير دولي غير معلن، يمنح إسرائيل غطاءً وهميًا لضرب التعليم، دون أيّ مساءلة من المنظمات التي يُفترض أنها تحمي الطفولة والمعرفة.
حين تتحول الحقائب إلى أكياس موت
تُقصف المدارس صباحًا، ثم تُنقل جثث الأطفال منها مساءً. تتحول فصول الرياضيات إلى أماكن لإيواء النازحين، ثم إلى أهداف مباشرة. تُدفن الكراسات تحت الأنقاض، وتتناثر الكتب الملطخة بالدم، في مشهد يُراد له أن يقول: "لن تكون لكم ذاكرة، ولن يكون لكم غد".
التعليم كأداة مقاومة
يعرف الاحتلال أن التعليم في غزة ليس مجرد منظومة معرفية، بل هو فعل مقاومة مستمر. كل كتاب يُقرَأ في ظل الحصار هو إعلان تحدٍّ. وكل طالب ينجح وسط الدمار هو ضربة رمزية لمشروع التجهيل. ولهذا، فإن قصف المدرسة هو قصفٌ للمعنويات، واستهداف للروح التي تصرّ على الحياة.
الأهداف والنتائج
-
الأهداف المباشرة للجريمة:
شلّ العملية التعليمية، وإضعاف قدرة الجيل القادم على النهوض، وخلق فراغ تربوي يُفضي إلى مزيد من التفكك والجهل. -
الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
تدمير البنية الفكرية للمجتمع الفلسطيني، وحرمانه من أدوات التغيير الذاتي، بما يضمن بقاءه في حالة تبعية، ويمنع تكوّن نخبة معرفية مقاومة. -
النتيجة:
نزوح آلاف الطلاب خارج المنظومة التعليمية، وتحوّل المدارس إلى مأوى للدمار أو مسرح للمآسي، مع انهيار معنوي طويل الأمد لا تعوّضه إعادة إعمار المباني.
حين يصبح القلم جريمة
في غزة، لا يُستهدَف الطفل فقط لأنه مقاوم محتمل، بل يُستهدَف لأنه يتعلّم. لا تُقصَف المدرسة لأنها موقع عسكري، بل لأنها موقع بناء. والاحتلال، في جوهره، لا يخاف من القنابل بقدر ما يخاف من فكرة تُكتَب في رأس طفل.