ضرب خيام اللاجئين: يصبح القماش هدفًا عسكريًا

حين يقصف جيشٌ الخنادقَ، يمكنه الادّعاء أنه يواجه مقاومة. وحين يدمّر البيوت، قد يختبئ خلف حجة "استهداف البنية التحتية". لكن حين تُقصف خيام اللاجئين، فإن الادّعاء يسقط... والحقيقة تتعرّى.

في غزة، تحوّلت خيام النزوح إلى مقابر جماعية. أطفال يُقتَلون تحت القماش، وعائلات تحترق فوق ركامها، ونساء تُنتشَل أشلاؤهن من تحت الأعمدة المعدنية لخيام معدّة للطوارئ. الجريمة ليست فقط قصفًا، بل إصرارًا على إتمام الإبادة حتى في أماكن "الإخلاء الإنساني" المزعومة.

خيام بلا ملاذ.. وممرات بلا أمان

تكرّرت مجازر استهداف الخيام في أكثر من منطقة، من رفح إلى محيط معبر كرم أبو سالم، حيث ضُربت خيام أقيمت بعد "نداءات الإخلاء" الإسرائيلية نفسها.
هنا المفارقة: الاحتلال يأمر السكان بالمغادرة، ثم يستهدفهم في المكان الذي حدّده لهم.
الخيمة تصبح فخًا، والممر الإنساني يتحول إلى مرمى صواريخ، وعبارات “المنطقة الآمنة” تتحول إلى نكتة دموية.

لماذا تُستهدف الخيام؟

ما الدافع العسكري لضرب خيمة؟ لا قيادة عسكرية تُدار منها، ولا تحصينات، ولا أسلحة.
لكن الخيمة ليست مجرد قطعة قماش، بل رمز وجود، ووسيلة صمود مؤقت، ومحاولة تنفس.
ولهذا، فإن استهدافها ليس "خطأ" كما تزعم المؤسسة العسكرية، بل رسالة صريحة: لا مكان آمن في غزة، لا حياة، لا ظلّ.

الأهداف والنتائج

  1. الأهداف المباشرة للجريمة:
    نشر الذعر بين المدنيين لإجبارهم على الاستسلام الكامل، وكسر أي أمل في النجاة أو التنقل، وتحويل كل مساحة في غزة إلى منطقة موت محتمل.

  2. الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
    إعادة تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني بأن النزوح لا ينقذ، وأن لا خيار أمام الغزي سوى الموت أو الإذلال، وصولًا إلى تهجير قسري تدريجي تحت ضغط المجازر.

  3. النتيجة:
    انكشاف تام لمستوى الوحشية الإسرائيلية، وتآكل ما تبقى من حياد في الرأي العام العالمي، مقابل عجز أممي متواطئ، وشعور فلسطيني بأن الخيمة، مثل البيت، مثل المشفى… لا تُحصّن من القصف.

حين تُحرق الخيمة، يُحرق الضمير

قصف خيمة لا يمكن أن يُقرأ عسكريًا، بل يُقرأ أخلاقيًا: أيُّ نظام عسكري أو سياسي يشرعن قصف تجمّعات لنساء وأطفال نازحين؟
الجواب ليس في الأدلة، فهي كثيرة، بل في الصمت الدولي الذي يشرعن الجريمة بالصمت، ويمنح القاتل رخصة تكرار.

أحدث أقدم
🏠