الأسلحة المحرّمة دوليًا: حين يتحوّل القانون الدولي إلى أوراق ممزقة

في الحروب، ثمّة ما يُسمّى "قواعد الاشتباك"، وثمّة ما يُسمّى "القانون الدولي الإنساني". لكن في غزة، يبدو أن هذه المفاهيم قد أُعدمت تحت سحب الفسفور الأبيض، وتحت أنقاض الأحياء التي سُحقت بأسلحة تُحظر حتى في ساحات القتال المفتوح.

حين تُلقى قنابل تنفجر مرتين، أو تُستخدم ذخائر تخترق الجدران لتحترق داخل الأجساد، فإن الرسالة تتجاوز القتل: إنهم لا يريدون إسكات الصوت، بل إطفاء الحياة حتى من بقاياها.

الفسفور الأبيض: سلاح الحرق البطيء

منذ سنوات، وثّقت منظمات حقوقية عديدة استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالمدنيين. هذا السلاح الحارق، الذي يلتصق بالجلد ولا ينطفئ بالماء، يُحظر استخدامه في الأماكن المأهولة وفق اتفاقيات جنيف، لكنه استُخدم مرارًا في غزة دون محاسبة.

النتيجة؟ أجساد تذوب لا تُدفن، وغبار سامّ يتسلل إلى رئات الأحياء قبل الأموات. الفسفور لا يقتل فقط، بل يحكم على البيئة بالموت المؤجل، وعلى الأطفال بأمراض لا علاج لها.

قنابل الاختراق العميق

في العدوانات المتكررة، استخدمت إسرائيل قنابل أميركية الصنع من طراز GBU-39 وGBU-28، وهي مخصصة لاختراق التحصينات العميقة. لكنّ هذه القنابل لم تُسقط على مراكز عسكرية، بل على مبانٍ سكنية ومستشفيات ومدارس تأوي نازحين.

الهدف لا يكون تدمير البنية فحسب، بل خلق حالة رعب نفسي جماعي: لا ملجأ آمن، ولا جدار يحمي، ولا سقف يقاوم.

الرصاص المتفجر والمحرّم

وثّق أطباء فلسطينيون ظهور إصابات غريبة في أجساد الجرحى، بما يشير إلى استخدام ذخائر تنفجر داخل الجسم أو تصهر الأنسجة بفعل الحرارة المفرطة. هذه الذخائر تُحدث جروحًا لا يمكن وصفها، ولا تشفى. وهي في ذاتها جريمة مزدوجة: ضد الفرد وضد مَن يحاول إنقاذه.

الأهداف والنتائج

  1. الأهداف المباشرة للجريمة:
    إيقاع أكبر قدر من الضحايا المدنيين بأدوات تفوق الحاجة العسكرية، وفرض إرهاب جماعي يجعل الحياة ذاتها عبئًا على الإنسان المحاصر.

  2. الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
    ترويع المجتمع الفلسطيني وتطويعه نفسيًا عبر القصف العشوائي والمُفرِط، وإرسال رسالة ردعية للشعوب والدول: من يتعاطف مع غزة، فمصيره الحرق أو الصمت.

  3. النتيجة:
    تدمير البنية البشرية والبيئية بشكل طويل الأمد، مع خلق حالة شلل إنساني في الضمير الدولي، عبر تطبيع استخدام الأسلحة المحرّمة، وغياب المحاسبة الجادة.

حين تُحرَق المدينة بحبر الصمت الدولي

في عالم يُجرّم استخدام الغازات السامّة ويستنكر القنابل العنقودية في النظريات، يتم قصف الأطفال بالفسفور الأبيض في الواقع... دون أن تتحرّك محكمة. وحين يُقتل القانون مع القتلى، تصبح الجريمة علنية، بل وتُسوّق على أنها "حق دفاعي" لدولة تبحث عن أمنها في أمعاء الأطفال.

أحدث أقدم
🏠