الإذلال على الحواجز والمعابر: يتحوّل المرور إلى إذلال يومي

في أرضٍ تمزقها الجدران والحواجز، لم يعد الإنسان الفلسطيني يتحرّك، بل يُفحَص، ويُشتبه به، ويُنتظر عليه بالساعات، وكأنه عابر سبيل في وطنه. أكثر من 700 حاجز وبوابة ونقطة تفتيش داخل الضفة الغربية، بالإضافة إلى المعابر المحاصِرة لغزة، تحوّلت إلى مسارح يومية للإهانة والقهر والتنكيل البطيء.

ما يُمارس على هذه الحواجز ليس تنظيم مرور، بل إدارة إذلال ممنهج، يُعاقب الناس على مجرد الحركة، ويجعل من الخروج إلى المدرسة أو المشفى أو المسجد مغامرة.

الجندي الحاكم على رقاب العابرين

عند كل حاجز، يقف شاب فلسطيني أعزل أمام جندي مدجج بالسلاح، يطلب منه خلع ملابسه أحيانًا، أو يُجبره على الانتظار تحت الشمس ساعات طويلة دون سبب، أو يُعيده لمجرد الاشتباه في اسمه.

والأخطر: أن هذه الإهانات تُمارَس أحيانًا أمام الأطفال أو النساء أو المرضى، لتتحول الحواجز إلى مختبر نفسي لفرض الخضوع.

المعابر كأدوات قهر يومي

معبر بيت حانون (إيرز) في غزة ليس مجرد معبر حدودي، بل نقطة تفتيش سياسي وأمني وإنساني. المرضى يُمنعون من المغادرة لتلقّي العلاج، الطلاب تُرفض تصاريحهم، والمجتمع يُخنق عبر إذلال جماعي متواصل.

في الضفة، يتحوّل حاجز قلنديا مثلًا إلى رمز للعدوانية المقننة، حيث تُهان الكرامة أمام الكاميرات دون أن يهتز الضمير العالمي.

الأهداف والنتائج

  1. الأهداف المباشرة للجريمة:
    منع الحركة الطبيعية للفلسطينيين، وإخضاع حياتهم اليومية لسلطة الاحتلال، وإحكام السيطرة على الجغرافيا والديموغرافيا.

  2. الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
    تطويع الناس نفسيًا عبر الإذلال المتكرر، وخلق حالة من الإحباط الجماعي تدفع للهجرة أو الانكسار الداخلي، وتدمير النسيج المجتمعي تدريجيًا.

  3. النتيجة:
    تحويل الجغرافيا الفلسطينية إلى سجن مفتوح، وانهيار ثقة الإنسان بكرامته وحقوقه، وفرض واقع "التطبيع القسري" مع الإهانة.

ساحة الإذلال... أمام العالم الصامت

كل حاجز إسرائيلي هو محكمة إذلال متنقلة، لا تطلب إثباتًا ولا تهمة، بل تُمارس القهر الوقائي، لأن الفلسطيني متّهم أصلًا بأنه فلسطيني.
وكل يوم يمر، يُراكم مزيدًا من الألم المكبوت في ذاكرة وطنٍ يتنفس الذلّ على الحواجز، لكن لا يتنازل عن كرامته.

أحدث أقدم
🏠