
هنا، لا يُستهدف مقاتل ولا منشأة عسكرية، بل تُستهدف الحياة اليومية: عنزة تُذبح، حقل زيتون يُجتث، دجاجات تُنحَر في أقفاصها.
الهدف: كسر الارتباط بين الإنسان وأرضه، وتجفيف الجذور من دون قصف الرؤوس.
جريمة صامتة.. ومقصودة
في قرى الضفة، سجّلت عشرات الشهادات قيام جنود الاحتلال والمستوطنين بسرقة المواشي، أو إطلاق النار عليها، أو تجويعها حتى الموت.
وفي غزة، بعد انسحاب القوات من بعض المناطق، وُجدت الحقول محترقة، المزارع منهوبة، والبيوت مدمرة على الأبقار والدواجن.
هذه ليست أفعالًا فردية، بل نمطًا ممنهجًا. لأن الحيوان والنبتة – في الحساب الصهيوني – جزء من "المقاومة الحيوية" التي يجب سحقها.
لا خبز.. لا لبن.. لا زيتون
تدمير أشجار الزيتون، التي تمثل في الوعي الفلسطيني رابطًا رمزيًا وتاريخيًا بالأرض، لم يكن مجرّد تخريب اقتصادي، بل قصف ثقافي.
الزيتون ليس شجرة فقط، بل ذاكرة.
كما أن سرقة الأبقار وتكسير خلايا النحل وإتلاف المعالف والمضخات ليست مجرد عبث، بل حرب شاملة على البقاء البيولوجي والمعيشي.
الأهداف والنتائج
-
الأهداف المباشرة للجريمة:
إفلاس السكان اقتصاديًا، وتدمير سبل معيشتهم الذاتية التي تتيح لهم الاستمرار رغم الحصار، ودفعهم للاعتماد على المعونات أو الخروج القسري من أرضهم. -
الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
تجفيف العمق الاجتماعي المقاوم الذي يستمد طاقته من الأرض والعمل، وإحداث قطيعة نفسية واقتصادية بين الإنسان الفلسطيني وأرضه، تمهيدًا لتهجير قسري ناعم وطويل الأمد. -
النتيجة:
مضاعفة معاناة المدنيين، وتحويل البيئة من مصدر أمان إلى مصدر تهديد، وانكشاف الوجه الوحشي للاحتلال الذي لا يكتفي بقتل الإنسان، بل يقتل الحيوان والنبات في طريقه.
ليست حربًا فقط على البشر، بل على الحياة نفسها
أن تُقتل المواشي وتُحرق الحقول وتُكسر الآلات الزراعية، فذلك يعني أن القاتل لا يريد فقط إسكات البنادق، بل إسكات الأغاني، والروائح، وصوت المعزاة في الحقول.
إنه قتلٌ متعدد الطبقات: للبشر، وللأرض، وللعلاقة التي تربط بينهما.