استهداف عائلات القادة: للضغط والابتزاز والانتقام

في كل الحروب، تُستهدف القيادات العسكرية. لكن في الحرب على غزة، تُستهدف الزوجات، والأطفال، والأمهات، وأبناء الإخوة. يُقتل الطفل لأنه ابن مقاوم، وتُقصف الزوجة لأن شريكها قائد، وتُباد العائلة لأن أحد أفرادها في الصف الأول من المواجهة.

هذا ليس "خطأً في الإحداثيات" كما يزعم المتحدث العسكري الإسرائيلي، بل سياسة رسمية تمارسها إسرائيل علنًا: الانتقام من العائلة كوسيلة لكسر القادة نفسيًا، وعقابيًا، وردعيًا.

اغتيال بالدم العائلي

في حالات موثّقة، تم قصف بيوت قادة سياسيين أو ميدانيين أثناء تواجد ذويهم فقط، دون أن يكون المستهدَف العسكري موجودًا. الهدف لم يكن "تحييد خطر"، بل إرسال رسالة: "حياتك ثمنها أحبّاؤك".
وقد حدث ذلك مع أكثر من قائد في فصائل المقاومة، حيث أُبيدت أسر بكاملها – نساء وأطفال – في قصف مباشر، رغم عدم وجود أي نشاط عسكري في البيت.

التهمة: أن تكون قريبًا من مقاوم

لا يتعلّق الأمر بالقيادات وحدها. أحيانًا، تُقصف عائلات لمجرد أن أحد أفرادها شقيقٌ أو خال أو ابن عمٍّ لشخص بارز في العمل المقاوم.
وبذلك تتحوّل رابطة الدم إلى "هدف عسكري"، وتُخرَج العائلة من خانة المدنيين، في تعدٍّ صارخ على أبسط قواعد الحرب التي تفرّق بين المحارب والمدني.

عقيدة الردع بالعائلة

ما تفعله إسرائيل لا يخرج عن إطار عقيدة معلَنة يسمونها "عقيدة الضاحية" (نسبة إلى تدمير الضاحية الجنوبية في بيروت 2006)، وهي تقوم على مبدأ:

"لكي تردع المقاومة، يجب أن تدفع عائلات قادتها الثمن".

بمعنى أن الألم الشخصي سيجعل القادة أكثر "واقعية" وأقل رغبة في المواجهة، وهنا تكمن البشاعة: استخدام الأبناء والزوجات كوسائل ضغط نفسي وأخلاقي في حرب غير متكافئة.

الأهداف والنتائج

  1. الأهداف المباشرة للجريمة:
    الانتقام المباشر من القادة عبر إيذائهم شخصيًا، ومحاولة كسرهم نفسيًا بإبادة من يحبونهم.

  2. الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
    ترسيخ مفهوم أن الارتباط بالمقاومة ثمنه الإبادة، بهدف ردع الانضمام أو القرب من الصفوف المتقدمة في النضال الفلسطيني، وبالتالي خلق عزلة نفسية واجتماعية حول القادة.

  3. النتيجة:
    سقوط كل أقنعة القانون الإنساني، وانكشاف البنية العدوانية العقابية للمنظومة الصهيونية التي لا تفرّق بين المدني والمقاتل، وبين الرضيع والمقاوم، في تأكيد جديد أن هذه الحرب ليست فقط على أشخاص، بل على العائلات والروابط والذاكرة.

من القائد إلى الطفل: استهداف شجرة الحياة

حين يُقصف بيت وتُباد فيه زوجة القائد وأطفاله، فالهدف لا يقتصر على جسد، بل على "معنى". معنى أن تكون قائدًا في مجتمعك، وأن يكون لك أهل، وأطفال، وأحبة.
الاحتلال لا يريد فقط تحييد المقاومة، بل قتل شجرتها من الجذور.

أحدث أقدم
🏠